ماهي الأسباب الكامنة وراء السعي اللاهث لعمليات التجميل وكيفيةالتخلص منها

ماهي الأسباب الكامنة وراء السعي اللاهث لعمليات التجميل وكيفيةالتخلص منها

 ماهي الأسباب الكامنة وراء السعي اللاهث لعمليات التجميل وكيف يتم التخلص منها؟

 

يعدُّ بعض الأشخاص قيمة الجمال قيمة معنوية، يذهب بعضهم الآخر إلى عدِّها قيمة خارجية، وبينما يُساوِي بعضهم الجمال مع البساطة والعمق، مغذِّين دواخلهم ومطورين وعيهم ونظرتهم إلى الحياة ومحافظين على مظهر خارجي بسيط وأنيق وطبيعي، يسعى آخرون إلى تبديل كافة ملامحهم وأجزاء جسدهم في سبيل الحصول على شعور بالرضا عجزوا عن الوصول إليه بالطريقة الصحيحة.
 
 
ما هي قيمة الجمال؟
 
يسعى أغلب البشر بفطرتهم إلى الظهور بمظهر أنيق وجميل؛ حيث يسعد كل من الأنثى والرجل عندما يلتمسون نظرات الإعجاب في أعين الآخرين، وتطوَّرت النظرة إلى الجمال على مر الأيام، ومن ثمَّ تحولت من حالة راقية تدمُج ما بين القيم والشكل الخارجي إلى حالة صرفة من عبودية الشكل الخارجي والمعايير الإعلامية الصارخة، فبات المعيار الأساسي لكونك جميل هو امتلاكك لشكل معين من تضاريس الجسد ومعالم الوجه، وتمَّ تجاهل الزاوية الأخرى للجمال؛ جمال الروح والأخلاق والقيم، جمال النية الطيبة وحسن الظن.
 
 
 

عمليات التجميل ما بين الضرورة والتحسين والهوس:

 
نحن لا نستطيع الحكم السلبي على الأشخاص الذين يخضعون إلى عمليات التجميل، فقد يلجأ الكثير منهم إلى عمليات التجميل من باب الضرورة، كأن يعاني شخص ما من تشوُّه خلقي، أو يتعرض لحادث ما يُفقِده ناحية جمالية من جسده، الأمر الذي يُسبِّب له أزمة نفسية شديدة تؤثر في ثقته بنفسه، وآلية تعاطيه مع الآخرين، وهنا يأتي الدور الإنساني لعمليات التجميل.
 
من جهة أخرى، قد يشعر بعضهم بعدم الراحة لوجود عضو معين من أعضائهم بصورة معينة، كأن يكون لدى أنثى ما مشاعر انزعاج من شكل أنفها، وعدم انسجام مع شكله، ممَّا يسبب لها مشاعر من عدم الرضا وعدم الارتياح مع شكلها الخارجي، أو قد يكون لدى الرجل مشاعر نفور من شكل بطنه الكبير، الأمر الذي يقلِّل ثقته بنفسه، وهنا في مثل هذه الحالات، يأتي التجميل ليكون حلاً رائعاً يعزز ثقة الفرد بنفسه، ويعيد له مشاعره الإيجابية الجميلة.
 
ولكن يجب الانتباه إلى تقييم الفرد المنطقي والصحيح للعيب الموجود في جسده، بحيث لا يبالغ في تصوراته، ويسعى إلى تغيير ما ليس بحاجة إلى التغيير، وهنا يستطيع طلب المساعدة من الآخرين ممَّن يثق بهم، فإن وجد موافقة منهم على قراره بتحسين شكله، فهذا يعني أنَّ قراره صائب ولا يخضع للمبالغة أو الهوس بعمليات التجميل.
 
يخضع الكثير من الناس اليوم إلى حالة من الهوس بعمليات التجميل؛ حيث يغيب المنطق، ويطغى التقليد الأعمى، فتجدهم يلجؤون إلى تجميل كل نقطة من جسدهم ووجههم، طمعاً في الوصول إلى معايير جمالية متفق عليها في المنصات الإعلامية.
 
لا يراعي أولئك الناس مدى فاعلية تلك العمليات ونوعية نتائجها على شكلهم؛ بل ينساقون إليها دون أدنى معرفة بمدى ملاءمتها لهم، ومن دون معرفة بتفاصيل عواقبها وتأثيراتها الجانبية، فلا يهتم أولئك بتلك الابتسامة المميزة التي افتقدوها من جراء التكبير المبالغ فيه للخدود والفم، ولا يعيرون انتباهاً إلى النظرة العميقة والساحرة التي افتقدوها من جراء الشد المبالغ فيه والنفخ غير المدروس، نعم، لقد فقدوا خصوصية معالم وجوههم ورونقها وتحوَّلوا إلى نسخ كربونية من غيرهم، وبالمقابل، خسر الكثيرون صفات الطيبة والبراءة التي كانت تشع من وجوههم واستبدلوها بصفات الخبث والشر، وذلك جراء السعي اللاهث إلى عمليات التجميل.
 

الأسباب الكامنة وراء السعي اللاهث لعمليات التجميل:

 
1. فقدان الأمان:
 
تلجأ الأنثى إلى عمليات التجميل المبالغ فيها من أجل تعويض إحساس الأنوثة المفقود لديها، أي لإثبات أنوثتها، لقد اختصرت الأنوثة بالشكل الخارجي، في حين تكمن الأنوثة في المواقف والسلوكات وطاقة السلام والإبداع.
 
تعتقد الأنثى بأنَّها ستحافظ على إخلاص زوجها لها من خلال المبالغة في الاهتمام بشكلها الخارجي، في حين يهرب الرجل من المرأة النكدية والشكاكة حتى إن كانت ملكة جمال العالم، إذاً ما يهم في العلاقة الزوجية هو المحافظة على طاقة الأنوثة وليس الاهتمام المبالغ فيه بالشكل الخارجي للأنثى فقط، فأنت تستطيعين الاكتفاء بمظهر أنوثة طبيعي وأنيق، أو تستطيعين اللجوء إلى عمليات تجميل بغرض تحسين الشكل الخارجي بطريقة جميلة وأنيقة، ولكن إياكِ أن تقعي في فخ الهوس بعمليات التجميل، أو فخ استمداد أنوثتك من تلك العمليات.
 
2. ضعف تقدير الذات:
 
يختفي وراء الهوس بعمليات التجميل؛ إنسان فَشِل في اختبار مشاعر الرضا عن ذاته فلجأ إلى التغيير الخارجي على أمل الحصول على تقدير الذات المفقود؛ حيث يسعى بعض الناس إلى سماع كلمات الإعجاب ويفرحون بنظرات الاندهاش التي يلقيها الآخرون على شكلهم الخارجي؛ لقد علقوا قيمتهم على الشكل الخارجي، متناسين السعي الحقيقي وراء رسالتهم في الحياة، ومتجاهلين سمو السعي إلى تقديم قيمة مضافة وتغيير حقيقي في المجتمع.
 
3. التصور السلبي عن الجسد:
 
يمتلك بعض الأشخاص تصوراً سلبياً عن جسدهم، كأن يعدَّ شخص ما أنَّ أنفه كبير جداً في حين أنَّه ليس كذلك، وكأن تعدَّ فتاة ما أنَّها من أصحاب الأوزان الثقيلة في حين أنَّها ليست كذلك مطلقاً، يؤدي هذا الاعتقاد السلبي إلى إدمان الشخص لعمليات التجميل على أمل التحرر من النظرة السلبية الخاصة بالجسد؛ لذا يجب على هؤلاء الأشخاص اللجوء إلى مختص نفسي من أجل علاج اضطرابهم النفسي.
 
4. النظرة المشوَّهة للجمال:
 
لقد حُصِر مفهوم الجمال بالشكل الخارجي، وقد ربط الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي ما بين الشكل الخارجي ومفتاح السعادة في الحياة، فانتشرت صور الفنانات والممثلات الخاضعات إلى الكثير من عمليات التجميل، والحاصلات على كل الحب والتقدير والتميز والفرص، ومن جهة أخرى، تم تجاهل الأشخاص البسطاء الطبيعيين الساعين إلى تغذية الداخل على حساب الخارج.
 
5. التقليد الأعمى:
 
تنتشر عمليات التجميل انتشارها الصارخ في وسط مجتمع يعترف بسياسة القطيع فقط، ولا يدافع عن رؤيته وقناعته الشخصية، فيميل أفراده إلى التقليد الأعمى للنجوم والفنانين دون أدنى مراعاة إلى ما يشبه داخلهم وقناعاتهم وقيمهم، فتميل أنثى ما على سبيل المثال إلى نفخ خدودها سعياً إلى الظهور كباقي النجمات السينمائية، على الرغم من عدم قناعتها الشخصية بالمواد التي تحقن بها ومع عدم حاجتها إلى عملية كتلك.
 
6. عدم تقبُّل تقدُّم العمر:
 
يخاف الكثيرون من مسألة التقدُّم في العمر، ولا يستطيعون تقبُّل تلك التجاعيد وتلك الهالات السوداء، ويكرهون انطفاء الرونق من وجوههم، ويرفضون ذبول خدودهم وترهل أجسادهم، الأمر الذي يجعلهم يهرعون إلى عمليات التجميل بطريقة مبالغ بها لمكافحة معالم تقدم العمر الطبيعية، فلا يتعاملون بطريقة ناضجة مع قضية تقدُّم العمر، فبدلاً من اللجوء إلى عمليات التجميل بطريقة عقلانية ومدروسة وضمن الحدود المقبولة، يلهثون إلى طمس كل معلَم من معالم تقدُّم العمر بطريقة مهووسة ومجنونة.
 
7. الشخصية الكمالية:
 
تميل بعض الشخصيات إلى الكمالية وتبقى في حالة قلق وتوتر إلى حين تحقيق ما تريد، فتسعى على سبيل المثال إلى الوصول إلى شكل خارجي مثالي، إضافة إلى السعي إلى الكمال في كل نواحي الحياة (العملية والمهنية والعائلية)، الأمر الذي يجعلها أسيرة عيادات التجميل طلباً للكمال الخارجي ورغبة فيه.
 

كيف أتخلص من إدمان عمليات التجميل؟

 
يتضمن الإدمان على عمليات التجميل آثاراً نفسية خطيرة على الإنسان؛ حيث يدخل في متاهة لا تنتهي من العمليات والجراحات، الأمر الذي يستهلك طاقته الجسدية والنفسية؛ حيث تترافق عملية التجميل مع آلام جسدية ذات درجة عالية من الصعوبة، بالإضافة إلى الآثار النفسية من توتر وقلق وخوف، كما يكتئب الإنسان في حال عدم وصوله إلى النتائج التي يرغب فيها ويدخل سلسلة من عمليات التصحيح من جديد.
كن عقلانياً ومنطقياً، واستخدم عمليات التجميل ضمن الحدود المقبولة ولغاية تحسين ما يزعجك في شكلك ويُضعِف ثقتك بنفسك أو بهدف تصحيح تشوه ما لديك، واعلم أنَّ الجمال الحقيقي هو جمال أخلاقك ووعيك ورسالتك في الحياة، وطموحك ورغبتك في التغيير وصنع بصمة في مجتمعك، نعم من الجميل أن تحافظ على شكلك الخارجي الأنيق ولكن دون أن يتحوَّل الأمر إلى إدمان وهوس وحالة مَرَضية.
 
وبهذا قد وصلنا إلى ختام مقالنا الذي تحدثنا فية عن الأسباب الكامنة وراء السعي اللاهث لعمليات التجميل، كما تحدثنا عن كيفية التخلص من إدمان عملية التجميل، وتحدثنا أيضاً عن عمليات التجميل ما بين الضرورة والتحسين والهوس.