صيام عاشوراء
هل يجوز الافطار في صيام عاشوراء الذي أمرنا رسول الله -صلى الله عليه السلام- بصومه، وقد كان يصومه موسى عليه السلام، لأنه اليوم الذي نجاه الله فيه من فرعون وجنوده، لذلك يهتم موقع أفواج الثقافة، في الإجابة عن سؤال هل يجوز الافطار في صيام عاشوراء، وفي الحديث عن حكم الإفطار في صيام عاشوراء، وعن حكم من أكل ناسيا في صيام عاشوراء.
هل يجوز الافطار في صيام عاشوراء ( صيام عاشوراء)
نعم يجوز الافطار في صيام عاشوراء، حيث يجوز الإفطار مطلقًا إذا كان الصوم نافلة كصوم عاشوراء وصوم يوم عرفة وصوم الإثنين والخميس، فالأمر فيه سعة، لكن الأفضل ألا يفطر إلا لأسباب فيجب أن يتم الصوم إذا لم يكن هناك سبب واضح، مثل: شدة الحر، أو ضيف نزل به، أو مرض، روت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها: “دَخَلَ عَلَيَّ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ذَاتَ يَومٍ فَقالَ: هلْ عِنْدَكُمْ شيءٌ؟ فَقُلْنَا: لَا، قالَ: فإنِّي إذَنْ صَائِمٌ ثُمَّ أَتَانَا يَوْمًا آخَرَ فَقُلْنَا: يا رَسولَ اللهِ، أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ فَقالَ: أَرِينِيهِ، فَلقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِمًا فأكَلَ”، قال طلحة: “فحدثت مجاهدًا بهذا الحديث، فقال: ذاك بمنزلة الرجل يخرج الصدقة من ماله، فإن شاء أمضاها وإن شاء أمسكها”، وهذا الحديث يوضح جانبًا من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في عقده الصيام إذا لم يجد طعامًا، وفي إفطاره إذا وجد الطعام، وهذا من سماحة الإسلام ويسره وعدم تشدده، وهذا الحديث يوضح أيضا جانبًا من حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- اليسيرة وأن بيوت زوجاته لم تكن مليئة بالطعام بحيث إذا طلبه في أي وقت وجده، وإنما كان يشبع يومًا ويجوع يومًا صلى الله عليه وسلم.
حكم الإفطار في صيام عاشوراء ( صيام عاشوراء)
اختلف العلماء في حكم الإفطار في صيام التطوع، وتفصيل ذلك فيما يأتي:
الحنفية
قالوا بوجوب الالتزام بالصيام، والمحافظة عليه وإتمامه؛ سواء كان تطوعًا، أو فرضًا، وترك إفساده منذ الشروع فيه إلى أن ينتهي وقته بحلول وقت الغروب، وقد استدلوا بقوله تعالى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ}، فقد دلت الآية على وجوب إتمام الصيام، والأمر يفيد الوجوب دون تخصيص صيام الفريضة الواجبة؛ فالعبرة بعموم اللفظ الذي لا يحمل على التقييد والتخصيص إلا بسبب ودليل، ولا يوجد دليل على أن تلك الآية نزلت في صيام الفريضة فقط، ولذلك فإن حكمها ينطبق على الصيام جميعه؛ تطوعًا وفريضة، فمن شرع في صيام التطوع، لزمه إتمامه، فإن أفسده، وجب عليه قضاؤه، ومع ذلك؛ فالحنفية لا يرون أن إفساد صيام التطوع بعد الدخول فيه أن المسلم أتى بأمر محرم، وإنما هو أمر مكروه في حقه؛ لأن الأدلة التي أفادت الكراهة لم تثبت ثبوتًا قطعيًا، وإن عرض للمتطوع عذر قطع صومه، ولا حرج عليه، ومن هذه الأعذار أن يدعو المسلم أخاه الصائم تطوعًا إلى طعام؛ فيجوز له قطع صومه، شريطة أن يكون ذلك قبل زوال الشمس، أي قبل صلاة الظهر.
الشافعية
قالوا بجواز إفساد صيام التطوع بعد الشروع فيه مع الكراهة دون ترتب القضاء، وقد استدلوا بحديث النبي عليه الصلاة والسلام: “الصَّائمُ المُتطوِّعُ أميرُ نفسِه، إنْ شاء صامَ، وإن شاءَ أفطَرَ”.
المالكية
قالوا بحرمة إفساد صيام التطوع إلا إن توفر مسوغ شرعي يقتضي الفطر؛ فمن طرأ عليه عذر شرعي يستوجب فطره، كإجابة طلب والديه المشفقين عليه من مواصلة صيام التطوع، أو غلبه الأمر بسبب شدة العطش، أو الإكراه على الفطر، أو خشية الهلاك بسبب المرض، جاز له حينئذ الفطر دون أن يترتب عليه القضاء، بينما يكون القضاء واجبًا في أحوال معينة، منها: الفطر بسبب السفر الطارىء، أو إن حلف عليه بالطلاق مشترطًا الفطر معه، شريطة أن تتوفر الخشية لدى الصائم من احتمالية مفارقة الحالف لزوجته المتعلق بها، فحينئذ يجيب طلبه ويفطر دون قضاء.
الحنابلة
قالوا بعدم وجوب إتمام صيام التطوع في حق من شرع فيه؛ فمن صام صيام تطوع، جاز له إفساده والخروج منه، ولا يترتب عليه أي إثم، ولا يتوجب في حقه القضاء، وقد استدلوا بما ورد في السنة النبوية بما أخرجه الإمام مسلم عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: “دَخَلَ عَلَيَّ النبيُّ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ذَاتَ يَومٍ فَقالَ: هلْ عِنْدَكُمْ شيءٌ؟ فَقُلْنَا: لَا، قالَ: فإنِّي إذَنْ صَائِمٌ ثُمَّ أَتَانَا يَوْمًا آخَرَ فَقُلْنَا: يا رَسولَ اللهِ، أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ فَقالَ: أَرِينِيهِ، فَلقَدْ أَصْبَحْتُ صَائِمًا فأكَلَ”، ويستحسن قضاء التطوع دون وجوبه.
حكم من أكل ناسيا في صيام عاشوراء (صيام عاشوراء)
أجمع جمهور الفقهاء على أن من أكل أو شرب ناسيًا في صيام التطوع صيامه صحيح، ولا مؤاخذة عليه، وفيما يأتي تفصيل الحكم في المسألة وأدلتها الشرعية:
الشافعية: قالوا إن الأكل والشرب في صيام التطوع نسيانًا لا يفسده.
المالكية: قالوا بعدم بطلان صيام التطوع بسبب الأكل أو الشرب نسيانًا؛ قياسًا على صيام الفريضة؛ فإذا أكل الصائم ناسيًا غير متعمد، فإنه يتم صيامه، وقد استدلوا على ذلك بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “مَن أكَلَ ناسِيًا، وهو صائِمٌ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فإنَّما أطْعَمَهُ اللَّهُ وسَقاهُ”.
الحنفية: قالوا إن الأكل في صيام التطوع نسيانًا لا يفسده؛ قياسًا على صيام الفريضة؛ فكلاهما يتضمن ترك الأكل، ويعد الترك شرط صحة.
الحنابلة: قالوا إن الله تجاوز عن خطأ المسلم ونسيانه؛ استدلالاً بقوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}، فمن تناول شيئًا من مفطرات الصيام نسيانًا دون تعمد، فلا يؤاخذ بذلك، ويؤيد ذلك القول أن النبي -عليه الصلاة والسلام- نسب ذلك الفعل إلى الله تعالى في قوله: “مَن أكَلَ ناسِيًا، وهو صائِمٌ، فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ، فإنَّما أطْعَمَهُ اللَّهُ وسَقاهُ”، وفي ذلك دلالة على أن ذلك العمل من فضل الله تعالى، ورحمته بعباده.
وهكذا نكون قد وصلنا إلى نهاية مقالني أجبنا فيه عن سؤال هل يجوز الافطار في صيام عاشوراء، وفي الحديث عن حكم الإفطار في صيام عاشوراء، وعن حكم من أكل ناسيا في صيام عاشوراء.