العوامل المؤثرة على الإنتاج الزراعي في الجمهورية اليمنية. تعتبر الزراعة مصدر عيش لنسبة كبيرة من السكان فهي تعتبر مهنة أساسية في الدول النامية. ويعملون في الزراعة حوالي ٥٦٪ في الجمهورية اليمنية. يختلف عدد سكان العاملين من سنة لأخرى. وتشكل الزراعة مصدر دخل رئيسي لقرابة ٧٤٪ من سكان الريف، وتشكل حوالي ١٥٪ من الناتج المحلي الإجمالي.إن أوضاع المزارعين ومستوى المعيشة سيئ مما يؤدي إلى هجرة الكثير منهم إلى المدينة وذلك بسبب خلل للموارد الطبيعية المستغلة والموارد البشرية. ويمكن الحد من هذه الهجرة برفع مستوى المعيشة في الريف عن طريق خطط التنمية الزراعية، فعند وضع خطط صحيحة كتوفير أسباب الحياة بشكل صحيح فإنة بالتأكيد سيرفع مستوى معيشة السكان الريفيين.
أولاً : العوامل الطبيعية والإقليمية
وهي خصوبة التربة والعوامل الجوية التي تحدد أماكن زراعة المحاصيل المختلفه والتي تتميز بها مناطق الجمهورية. وتعد الأرض من أهم محددات التوسع في القطاع الزراعي، وأن حجم الإنتاج يتحدد بالمساحات المزروعة فعلاً خلال موسم معين أو سنة معينة. وعند فحص مكونات المساحات الجمالية يتضح أن مجموعة الحبوب تتميز بدرجة عالية من التذبذب في مساحتها من سنة لأخرى كون زراعتها تعتمد على الأمطار، والتي تختلف كمية سقوطها من موسم لأخر.
- العوامل الجوية : يتميز مناخ الجمهورية اليمنية بالمناخ القاحل إلى الجاف، ويتراوح المتوسط السنوي لكمية الأمطار بين (٢٥٠ – ٤٠٠ ملم) وتبلغ الحدود الدنيا بين (٥٠ – ١٠٠ ملم) وتصل إلى (٨٠٠ ملم) في الحدود العليا. وتميز الأمطار بعدم الانتظام والتذبذب وهو الأمر الذي ينعكس في تذبذب الإنتاج الزراعي، لاسيما الحبوب التي تعتمد بدرجة شبة تامة على الأمطار. وتعتمد الزراعة المروية بدرجة أساسية على حفر الآبار الجوفية واستغلال المخزون المائي الجوفي المتجمع عبر العصور السابقة. لذا يجب وضع استراتيجية متكاملة للموارد المائية تأخذ بعين الاعتبار ضرورة الحفاظ على التوازن بين الكميات المسحوبة من المياة والمخزون منها مما يضمن ترشيد استخدامات المياة والحفاظ على هذة الموارد للأجيال القادمة.
- الأمطار : تعتبر بلادنا من البلدان شحيحة المياة بسبب موقعها الجغرافي حيث تقع ضمن البلدان شبة القاحلة، و يتراوح معدل سقوط الأمطار فيها بين (٥٠ ملم) سنوياً في الشريط الساحلي إلى (٥٠٠ – ٨٠٠ ملم) في المرتفعات الجبلية إلى أقل من (٥٠ ملم) في المناطق الشرقية. وتتراوح كمية الأمطار السنوية ما بين (٦٧،١١ مليار متر مكعب إلى ٩٣ مليار متر مكعب) في السنة التي تستحوذ المنحدرات الغربية والجنوبية الغربية والهضاب العليا على النسبة الأكبر من هذه الأمطار، ثم تقل الأمطار تدريجياً بالاتجاه الشرقي والشمالي الشرقي وحتى ظهور المناخ الصحراوي على أطراف الربع الخالي.
- المياه الجوفية : تبلغ كمية المياه الجوفية حوالي (١٠) بليون متر مكعب في حوض المسيلة و (٢٠٥)بليون متر مكعب في حوض تهامة، وتتوزع البقية من الاحتياطي الجوفي على بقية المناطق وتبلغ كمية السحب من المياه الاحتياطية (١،٥)بليون متر مكعب سنوياً بوساطة (٥٥ ألف بئر) ارتوازية يتم سحبها من المياه الاحتياطية، إذ يتم ضخ (٣٤٠٠ مليون متر مكعب) من هذه المياه ومعظمة يذهب للنشاط الزراعي، إذ يستهلك ٩٠ ٪ من هذه الكمية و ٨ ٪ تذهب إلى القطاع المنزلي و ٢ ٪ للقطاع الصناعي. ويمثل هذا الحجم من المياه المستخرجة ما يفوق معدل لتغذية الجوفية بمقدار (٩٠٠ مليون متر مكعب). مما يسبب في حصول انخفاض متزايد في منسوب المياه الجوفية، إذ يصل مستوى هذا الانخفاض في بعض الأحواض ما بين (٢ – ٦) أمتار سنوياً. وقد تفاقم هذا الوضع مع نهاية السبعينات وبداية الثمانينات من القرن الماضي عندما بدأت حفر الآبار العميقة تتزايد بصورة كبيرة، وبدأت مرحلة استنزاف كبيرة للمياه الجوفية عندما وجد المزارعون أن هناك مردودا سريعاً لأستخدام هذه المياه في الزراعة.
- شاهد أيضا كيف كان الحالة الاقتصادية في شبه الجزيرة العربي قبل قيام الدولة السعودية الأولى ؟
ثانياً : العوامل البشرية
إن الإنتاج الزراعي يعتمد بشكل كبير على العوامل البشرية وهو الذي يحدد كمية الإنتاج الزراعي، والإنتاج الزراعي منخفض والعوامل البشرية المؤثرة على الانخفاض هي:
۱- جهل الفلاحين بأصول الزراعة الحديثة وانتشار ألامية في الريف.
۲- ضعف الجهاز الإرشادي وانعدام الجهاز في عدد من المناطق.
٣- سيطرة علاقات العمل القديمة في الريف.
٤- ضعف الجهاز الفني.
هذا ويمكن التخلص من هذه الآثار بإتباع الآتي:
۱- تغيير علاقات العمل في الريف وإتباع العمل الجماعي محل الفردي.
٢- إقامة المزارع الخاصة.
٣- تشجيع التعاون وإقامة الجمعيات التنافسية الإنتاجية.
٤- تطوير الجهاز الفني والإرشادي والعمل على محو الامية في الريف.
وعند دراسة العلاقة بين مورد العمل والناتج الزراعي وبالنظر إلى كون الزراعة ليست مجرد عمل وإنما أسلوب عيش وطريقة حياة.جرت العادة على اعتبار إجمالي السكان النشطين اقتصاديا في القطاع الزراعي لمدى عمري معين يتراوح بين (١٥-٦٥) سنة تماماً هو المعبر عن القوى العاملة في القطاع الزراعي وينطوي تحت هذا التعريف نوعيات مختلفة من القوى منها: النساء والأطفال وكبار السن فضلا عن الذكور في سن العمل. وبالنظر الى واقع القوى العاملة في الجمهورية اليمنية ، يلاحظ تركز قوة العمل الأساسية في قطاع الزراعة والصيد والحراج والتي احتلت المرتبة الأولى حيث جذبت القسم الأكبر من قوة العمل والتي تبلغ حوالي ٥٥.٧% من إجمالي العاملين في مختلف الأنشطة على مستوى الجمهورية .وبالنظر إلى توزيع النشطين اقتصاديا بحسب النوع والنشاط الاقتصادي يلاحظ أن أعلى نسبة للذكور الذين يعملون في الزراعة والصيد والحراج بلغت ٤٦% من إجمالي الذكور العاملين في مختلف الأنشطة الاقتصادية في الجمهورية ، وبالنسبة للإناث فان إجمالي الإناث اللاتي يعملن في قطاع الصيد والزراعة والحراج بلغت ٨٦% من إجمالي العاملات في جميع الأنشطة الاقتصادية في الجمهورية. إن إنتاجية العامل الزراعي هي منخفضة قياس بالمستوى العالمي حيث إنتاجية العامل الزراعي بلغت ۱۰۸٤ دولار عالمياً بينما بلغت إنتاجية العامل اليمني حوالي ٥١٦ دولار.
ثالثاً : – العوامل المادية:
ويقصد بها الأسمدة – البذار المحسن الآلات الزراعية – المبيدات وبالاستغلال المستمر للتربة يؤدي إلى انخفاض خصوبتها ، و لرفع خصوبة التربة يجب استخدام الأسمدة والدورات الزراعية . توجه إلى الزراعة اليمنية استثمارات ضعيفة لا تتناسب مع احتياجات المواطن اليمني من هذا القطاع الهام ، وتشير البيانات إلى أن نسبة الاستثمارات في القطاع الزراعي مثلت ما نسبته ٦،٩% من إجمالي الاستثمارات في الجمهورية اليمنية عام ٢٠٠٣ . ويشير استخدام الميكنة الزراعية بأشكالها المختلفة إلى الأداء التقني في القطاع الزراعي ، ولسهولة استخدام هذا المؤشر فعادة ما يعبر عنه بعدد الجرارات المستخدمة بأحجامها المختلفة لكل ١٠٠٠ هكتار. وقد قدر هذا المؤشر في اليمن عام ٢٠٠٣ م۳۰۹۰ جرار لكل ۱۰۰۰ هكتار مقارنة بـ ٧.٥ جرار لكل هكتار بينما بلغ هذا المؤشر على المستوى العالمي بـ ۱۹.۷۰ جرار لكل ١٠٠٠ هكتار في نفس العام إن معدل استخدام الميكنة اليمنية ما نسبته ٢٠% من المعدل العالمي. يعتبر معدل استخدام الأسمدة الكيماوية بأنواعها المختلفة من مؤشرات الاستخدام الرشيد للتقانات الكيماوية في الزراعة لتوفير بعض عناصر تغذية النباتات الضرورية للنمو. ويشير معدل استهلاك الأسمدة الكيماوية في اليمن إلى حوالي ٧،١٤كجم / هكتار عام ٢٠٠٣م وهو يمثل نحو ۱۳.۷۰% عن معدل الاستهلاك العربي المقدر بنفس العام بنحو ٥٢،١١ كجم / هكتار ، ويمثل فقط ٧،٨٥% من المعدل العالمي والمقدر في نفس العام بنحو ٩٠،٩كجم / هكتار. تستخدم الدورات الزراعية بشكل غير علمي والأسمدة العضوية قليلة الاستخدام لقلة كمية المخلفات الحيوانية.
إن استخدام الأسمدة الكيماوية مرتبط بالنفع الاقتصادي لهذه الأسمدة وانخفاض أسعارها ، ويجب أن يكون هناك تناسب بين الأسعار للأسمدة والزيادة في الإنتاج . إن استخدام المبيدات بشكل عشوائي قد أضر بالبيئة والإنسان على حد سواء. وفي اليمن تعمل كل من المؤسسة العامة لإكثار البذور المحسنة والشركة العامة لإكثار بذور البطاطس ومشروع إكثار البذور والمدخلات الزراعية على توفير البذور المحسنة، كما يتم توفير أصناف وبذور محسنة عن طريق الاستيراد من خلال مؤسسة الخدمات الزراعية و الجمعية العامة للري والقطاع الخاص.
وخلاصة القول فان أساليب الإنتاج هي أساليب إنتاج تقليدية ضعيفة الإنتاجية ويعد إدخال الأساليب الحديثة من أهم عوامل النمو الاقتصادي وفي القطاع الزراعي تشمل التقنيات الحديثة التقنية الميكانيكية التي تتجه نحو تشجيع التوسع الأفقي وهي أساليب موفرة للقوى العاملة ومكثفة لرأس المال والأرض والتقنية البيولوجية والكيماوية والتي تتجه نحو تشجيع التوسع الرأسي والتكثيف الزراعي للقوى العاملة وزيادة إنتاجية الموارد المستخدمة في العملية الإنتاجية. ويلاحظ في اليمن تقدم بطئ على طريق إدخال استخدام الأساليب الإنتاجية في الزراعة اليمنية عن طريق تكثيف استخدام الأصناف عالية الإنتاجية والأسمدة وغيرها ويمكن أن يعزي ذلك التقدم البطئ لعدة أسباب لعل من أهمها : الطبيعة الجبلية لليمن ، علاوة على تفتت الحيازات الزراعية وعدم وجود مصادر كافية للتمويل لنشر استخدام المكننة في القطاع الزراعي.
رابعاً : العوامل الاقتصادية
مثل التسعير – التسويق – التسليف .
التسعير: إن تسعير الإنتاج والمنتجات الزراعية له تأثير كبير على المواد المنتجة فعندما تريد الدولة الحد من إنتاج بعض المحاصيل تقوم بوضع سعر منخفض والعكس صحيح.
التسويق : عملية التسويق تقوم بها بعض المؤسسات والجهات الخاصة لعدم رغبة الدولة في التسويق. وتشمل عملية التسويق مثل (الاستلام – الفرز – النقل – التخزين) ويجب أن تكون هذه العملية سريعة لان الإنتاج الزراعي إنتاج موسمي وإذا ما أرادت الدولة دعم المزارعين فعليها أن تدفع قيمة المحصول الزراعي مباشرة بعد الفرز. ويقصد بالفرز تحديد قيمة مواصفات الإنتاج . أما النقل في اليمن فهو سيئ والسبب في ذلك عدم توفر وسائل النقل بشكل كاف وعدم وجود طرق مناسبة للنقل والتخزين للمنتجات الزراعية وبشكل اقتصادي . إن أماكن التخزين قليلة وتضطر الدولة إلى تصدير بعض المنتجات الزراعية عندما تكون أسعارها منخفضة عالميا وتضطر للاستيراد لتلك المنتجات عندما تكون أسعارها مرتفعة عالميا.
خامساً: العوامل التنظيمية والإدارية
العوامل المؤثرة على الإنتاج الزراعي في الجمهورية اليمنية تلعب دورا كبيرا في المساحة والإنتاج وعدد الأيدي العاملة وفي تنفيذ الخطط وفي زيادة الكفاءة الإنتاجية وتسويق المحاصيل في الأوقات المناسبة وكذلك في إقرار المشاريع. ويوجد نوعين من الأجهزة الإدارية هي الأجهزة المخططة والأجهزة المنفذة.
وفي نهاية مقالنا هذا الذي اوضحنا فيه بالتفصيل عن العوامل المؤثرة في الإنتاج الزراعي في الجمهورية اليمنية والحلول الجذرية لها، وتوفير مستلزمات الإنتاج الكافية في الإنتاج الزراعي.