التوحيد
الوحدة الأولى:
أقسامه
عرف التوحيد
هو إفراد الله تعالى في ربوبيته وألوهيته وأسمائه الحسنى وصفات العلى
ما أقسام التوحيد؟
أقسام ثلاثة:
توحيد الربوبية:
تعريفه إفراد الله بأفعاله سبحانه، فهو الخالق، الرازق، المال المدير، الأمور خلقه جميعا. أمثلته 1- لا خالق للكون إلا الله ولا رازق إلا الله.
توحيد الألوهية (العبادة ):
تعريفه إفراد الله بالعبادة والإخلاص له سبحانه أمثلته 1-و لا ندعو إلا الله . 2- لا نصلي إلا الله .
توحيد الأسماء والصفات :
تعريفه إثبات ما أثبته الله تعالی النفسه، وما أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم ؟ من الأسماء الحسني والصفات العلی علی الوجه الذي يليق بجلال الله وعظمته ، من غير تحريف ولا تعطيل، ومن غير تكييف ولا تمثيل. ونفي ما نفاه الله عن نفسه ونفاه رسول صلى الله عليه وسلم
أمثلته 1- نثبت لله اسم السميع وصفة السمع.
2- ننفي عن الله صفة العجز، ونثبت له صفة القدرة.
اذكر الدليل على ما يأتي:
أ-توحيد الربوبية: قوله تعالى: (هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو) فاطر
ب-توحيد الألوهية: قوله تعالى: (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء)
ج-البينة توحيد الأسماء والصفات. قوله تعالى: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) الشوری
د العبودية العامة. قوله تعالى: (وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا) الفرقان
ع- العبودية الخاصة. قوله تعالى: (إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَٰنِ عَبْدًا) مریم .
حل درس أهمية التوحيد
ما هي أهمية التوحيد؟
للتوحيد أهمية كبيرة، ومكانة عظيمة، نلخصها فيما يأتي:
أولا: الوحيد هو الغاية من خلق الجن والإنس
فالغاية من خلق الجن والإنس هي: عبادة الله تعالى وحده لا شريك له.
والدليل على هذا: قول الله تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ) ومعنى الآية الكريمة: ما خلقتهم إلا ليعبدوني وحدي، لا يشركون بي شيئا.
وهذه العبادة التي خلق الخلق لأجلها، لها أنواع ثلاث: .
أ- عبادة القلب مثل: الخوف من الله، ومحبته، ورجاء ثوابه.
ب- عبادة اللسان مثل: ذكر الله، واستغفاره، وتسبيحه.
ج- عبادة الجوارح مثل: الصلاة، والوضوء، والصدقة، والحج.
ثانيا : الوحيد هو الغاية التي من أجلها أرسل الله الرسل بالیه السلام وأنزل الكتب
فالحكمة من إرسال الرسل وإنزال الكتب هي: الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك.
والدليل على هذا: قول الله تعالى: (وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ۖ)
ومعنى الآية الكريمة: أن الله تعالی أرسل جميع الرسل عليه البلاد إلى جميع الأمم يأمرونهم بعبادة الله وحده، واجتناب الشرك.
الأمر بالتوحيد والنهي عن الشرك دعوة جميع الأنبياء عليه السلام .
: ثالثا: التوحيد أول الواجبات
فأول ما يجب على العباد توحيد الله تعالی
والدليل على هذا: حديث عبد الله بن عباس رضاهما لما بعث النبي صلى الله عنه معاذ بن جبل
رضى الله عنه إلى نحو أهل اليمن قال له: ( إن تقدم على قوم من أهل الكتاب، فليكن أول ما تدعوهم إلى أن يوحدوا الله تعالى)
رابعا: التوحيد أوجب الواجبات:
والدليل على هذا: قول الله تعالى: (وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً )
خامسا: التوحيد أساس قبول الأعمال :
فتوحيد الله تعالى هو أساس قبول كل عمل، فإن الله تعالى لا يقبل عمل المشركين وإن كان في ظاهره عملا صالحا؛ كالصدقة والبر ونحو ذلك.
والدليل على هذا : 1-قول الله تعالى: ( فَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ )
2- قول الله تعالى: ( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ )
سادسا: التوحيد أعظم حقوق الله على عباده والدليل على هذا: حديث معاذ بن جبل رضي الله
عنه ستوانه قال: كنت ردف رسول الله على حمار يقال له: (في)، قال: فقال: (يامعاذ ما تدري ما
حق الله على العباد؟ وما حق العباد على الله؟ ) قال: قلت: الله ورشوله أعلم، قال: ( فإن حق الله
على العباد أن يعبدوا الله ولا يشركوا به شيئا، وحق العباد على الله ع وجل أن لا يعد من لا يشرك
به شيئا ) قال: قلت: يا رسول الله، أفلا أبشر الناس ؟ قال: (لا تبشرهم فيتكلوا.)
حل درس فضل التوحيد
ما هي فضائل التوحيد؟
لتوحيد الله تعالى فضائل كثيرة أهمها ما يأتي :
الفضيلة الأولى: الأمن في الدنيا والآخرة .
الفضيلة الثانية : الهداية التامة إلى الصراط المستقيم .
والدليل على هاتين الفضيلتين : قول الله تعالى : {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ}
فمن وحد الله تعالى ولم يخلط توحيده بشرك فإنه يحصل على أمرين :
الأول : الأمن في الدنيا والآخرة .
الثاني : الهداية التامة إلى الصراط المستقيم .
والظلم هنا هو الشرك ، كما قال تعالى : { إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ}
الفضيلة الثالثة : أن الله تعالى أوجب على نفسه أن لا يعذب من لايشرك به شيئاً .
فلقد تفضل الله تعالى على عباده الموحدين بأن جعل لهم حقاً أوجبه على نفسه تكرماً منه وفضلاً ، وهو : أن من وحد الله ولم يشرك بخ شيئاً واجتنب الكبائر أدخله الله الجنة ولم يعذبه ، وذلك جزاء أهل التوحيد .
والدليل على هذا : حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه ، وفيه : (( وحق العباد على الله عز وجل أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً )).
الفضيلة الرابعة : تكفير الذنوب :
فمن وحد الله تعالى ولم يشرك به شيئاً ، ومات على ذلك فإن الله تعالى – إذا شاء – غفر له ذنوبه جميعاً ، وهذا يدل على سعة رحمة الله وجوده على أهل التوحيد ، كما يدل على كثرة ثواب التوحيد وتكفيره الذنوب ، فحسنة التوحيد عظيمة ، فهي تكفر الخطايا إذا لقي الموحد الله وهو لا يشرك به شيئاً .
والدليل على هذا : حديث أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( يقول الله عز وجل : ….. ومن لقيني بقراب الأرض خطيئة لا يشرك بي شيئاً لقيته بمثلها مغفرة )).
الفضيلة الخامسة : أن التوحيد يحرر الإنسان من التعلق بالبشر :
من أعظم فضائل التوحيد أنه يحرر الإنسان من التعلق بالناس والخوف منهم ورجائهم والعمل لأجلهم ، فالموحد متعلق قلبه بربه ، فلا يدعو إلا الله ، ولا يرجو إلا إياه ، ولا يخشى إلا الله ، ولا يتوكل إلا عليه ، وبهذا تتحقق له الطمأنينة والراحة والعز والشرف .
والدليل على هذا : قال الله تعالى : {إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}
الفضيلة السادسة : تحريم النار على أهل التوحيد الكامل :
من شهد بالتوحيد وعمل بمقتضاه مجتنباً للكبائر ، ومخلصاً لله تعالى ، فإن الله تعالى يحرمه على النار .
والدليل على هذا : حديث عتبان بن مالك الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( فإن الله قد حرم على النار من قال : لا إله إلا الله ؛ يبتغي بذلك وجه الله )) .
الفضيلة السابعة : ثقله في ميزان العبد يوم القيامة :
فالتوحيد أثقل شيء في ميزان العبد يوم القيامة .
والدليل على هذا : حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إن نبي الله نوحاً عليه السلام لما حضرته الوفاة قال لابنه : إني قاص عليك الوصية : آمرك باثنتين ، وأنهاك عن اثنتين ، آمرك بلا إله إلا الله ، فإن السماوات السبع ، والأرضين السبع ، لو وضعت في كفة ، ووضعت لا إله إلا الله في كفة ، رجحت بهن لا إله إلا الله …. الحديث )) .
الفضيلة الثامنة : دخول الجنة :
فمن شهد بالتوحيد وعمل بمقتضاه بفعل الطاعات واجتناب الكبائر والموبقات دخل الجنة ، ومن شهد بالتوحيد وقع منه تقصير في العمل فهو تحت المشيئة ، إن شاء الله عذبه وإن شاء غفر له ، ولكن مآله إلى الجنة ، من أجل حسنة التوحيد ، وهذا يدل على عظم فضل التوحيد .
حل درس تحقيق التوحيد
ما هي مراتب تحقيق التوحيد؟
تحقيق التوحيد على مرتبتين :
المرتبة الأولى : تحقيق واجب
وهو مقام أصحاب اليمين المقتصدين ، ويكون بخمسة أمور :
الإخلاص لله تعالى ، وترك الشرك الأكبر الذي ينافي التوحيد بالكلية .
ترك الشرك الأصغر الذي ينافي كمال التوحيد الواجب .
المحافظة على الواجبات التي هي من كمال التوحيد الواجب .
ترك البدع المحرمة التي تنافي كمال التوحيد الواجب .
ترك المعاصي التي تقدح في التوحيد وتنقص ثوابه .
المرتبة الثانية : تحقيق مستجب
وهذا مقام السابقين المقربين ، وذلك يكون بالخمسة المتقدمة مع ما يأتي :
فعل المستحبات ، التي هي من كمال التوحيد المستحب .
ترك المكروهات ، الذي يكمل به ثواب التوحيد المستحب .
قال الله تعالى : {ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا ۖ فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ}.
ما هي الصفات التي لابد من تحققها لنيل فضل التوحيد؟
الصفة الأولى : الاستقامة على التوحيد ، واجتناب الشرك صغيره وكبيره
وقد دل على ذلك أدلة منها :
قول الله تعالى : {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ حَنِيفًا وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} .
فدلت الآية الكريمة على أن إمام الموحدين عليه الصلاة والسلام مائل عن الشرك كله صغيره وكبيره ، مستمسك بالتوحيد كله .
ثم أكد الله تعالى ذلك بقوله : {وَلَمْ يَكُ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} ، وإبراهيم عليه الصلاة والسلام قدوتنا فقد حقق التوحيد واجتنب الشرك صغيره وكبيره ، ونحن مأمورون بالاقتداء بإبراهيم عليه الصلاة والسلام فهو إمام الحنفاء الموحدين ، قال تعالى : { قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ} ، فمن تأسى به عليه الصلاة والسلام فقد بلغ الغاية .
قول الله تعالى : { إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ ( 58 ) وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ ( 59 ) وَالَّذِينَ هُم بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ } فقد وصف الله تعالى هؤلاء العباد الصالجين بأنهم يعبدونه وحده ، ويتجنبون الشرك كله صغيره وكبيره ، وهذه حقيقة التوحيد التي لا يتم إلا بها .
الصفة الثانية : ترك التطير
لا يتشاءمون بمرئي أو مسموع أو زمان أو مكان أو معلوم ، كالتشاؤم بالطيور والشهور والأعداد ونحوها .
الصفة الثالثة : ترك الاسترقاء
لا يطلبون من غيرهم أن يرقيهم ؛ لقوة توكلهم على الله ، ولعزة نفوسهم عن التذلل لغير الله .
وهذا لا ينافي أنهم يرقون أنفسهم أو يرقيهم غيرهم بغير طلب منهم .
الصفة الرابعة : ترك الاكتواء
وهو : طلب الكي لعلاج بعض الأمراض ، فلا يسألون غيرهم أن يكويهم توكلاً على الله تعالى ، والاكتواء جائز ، لكن تركه أفضل وأكمل في تحقيق التوحيد
حل درس الجنة دار المؤمنين الموحدين
من يدخل الجنة؟
الجنة لايدخلها إلا أهل التوحيد ، وقد حرمها الله تعالى على المشركين ، والدليل على هذا :
قول الله تعالى : {إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ } .
حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة )) .
ما هي أصناف الموحدين في دخول الجنة؟
الموحدون في دخول الجنة على ثلاثة أصناف :
الصنف الأول : الذين يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب .
وهؤلاء هم : الموحدون الذين حققوا التوحيد ، بأن جاءوا بالتوحيد الواجب ، وأتبعوه بكمال التوحيد المستحب ، وهؤلاء هم الذين أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عنهم بأنهم سبعون ألفاً يتقدمون أمته ، وقد زاده الله تعالى مع كل ألف سبعين ألفاً آخرين ، كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( فاستزدت ، فزادني مع كل ألف سبعين ألفاً )) ، فعلى هذا يبلغ عددهم : ( 4،970،000) أربعة ملايين وتسع مئة وسبعين ألفاً .
الصنف الثاني : الذين يدخلون الجنة بغير عذاب ، لكن قد يحاسبون حساباً يسيراً .
وهؤلاء هم : الموحدون الذين حققوا التوحيد الواجب ، ولكن عليهم بعض الذنوب ، فيحاسبون عليها حساباً يسيراً ، ثم يغفر الله لهم ، ويدخلهم الجنة بغير عذاب .
الصنف الثالث : الذين يدخلون الجنة بعد الحساب والعذاب .
وهؤلاء هم : الموحدون الذين عليهم ذنوب ومعاص ، ولم يغفرها الله تعالى ، ولم يكن عندهم من الحسنات القدر الكافي لمحو هذه الذنوب ، فيدخلون النار حتى يتطهروا من ذنوبهم ، ومصيرهم بعد ذلك إلى الجنة بفضل الله تعالى .
حل درس التوحيد والفطرة
هل الإنسان مفطور على التوحيد؟
الأصل أن الله خلق الإنسان على التوحيد، والشرك طارئ عليه. والله جل وعلا خلق الناس حنفاء غير مشرکین به، ومما يدل على ذلك:
أن أبا البشر وهو آدم السلام كان نبيا يعبد الله وحده لا شريك له، وعلم أبناءه التوحيد. قال
ابن عباس رضى الله عنه : (كان بين آدم و نوح عشرة قرون، كلهم على الإسلام )
أن الله تعالى خلق البشر على الفطرة وهي فطرة الإسلام فخلقهم موحدين غير مشرکین به، قال الله تعالى: ( فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ
اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ )
وقال الله تعالى: ( وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم
ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين )
قال ابن جرير: (يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : واذكر – يا محمد – ربك إذ استخرج ولد آدم من أصلاب آبائهم، فقررهم بتوحيده، وأشهد بعضهم على بعض شهادتهم بذلك وإقرارهم به )
وعن عياض التميمي رضى الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه عزوجل قال: (إني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم، وحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطان)
وعن أبي هريرة رضى الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « ما من مولود إلا يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه، كما تمت البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسون فيها من جدعاء؟
ثم يقول أبو هريرة رضى الله عنه : اقرؤوا إن شئتم: ( فِطْرَةَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْها) فكل طفل يولد مستقيما على الإسلام، حتى يطرأ التغيير على فطرته كما أن البهيمة تولد سليمة سوية فيطرأ التغيير عليها بقطع شيء منها.
حل درس المعتقدات التي تضاد التوحيد
ما أهمية معرفة ما يضاد التوحيد؟
جائت النصوص في الكتاب والسنة في بيان ما يضاد التوحيد إجمالا وتفصيلا ، فحذًرت من الشرك ، وبينت صوره ، وذكرت شبه المشركين ، ودعوة الرسل لهم لاجتناب الشرك ، وتمسك المشركين بما وجدو عليه آبائهم وأجدادهم من الأعمال الشركية ، ونحو ذلك .
والفائدة الكبرى من هذا : تمييز الحق من الباطل ، والتوحيد من الشرك ؛ لأن الضد يتبين بمعرفة ضده ، ولهذا قال الله تعالى : ( وَكَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ )
ما هي أهم المعتقدات التي تضاد التوحيد؟
من أهم المعتقدات التي تضاد التوحيد ما يأتي :
. أولا: عدم البرائة من كل ما يعبد من دون الله
. التوحيد الخالص الذي لا يقبل الله تعالى غيره لا يكون إلا بإخلاص العبادة لله ، والبراءة
من جميع الآلهة الباطلة ، فلا يكفي في التوحيد مجرد التلفظ بكلمة ( لا إله إلا الله ) ، بل لابد أن يضاف إليه الكفر بما يعبد من دون الله ، والدليل على هذا قوله تعالى : ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاءٌ مِّمَّا تَعْبُدُونَ ( 27 ) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ ( 28 ) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) .
فقد تبرأ إبراهيم عليه الصلاة والسلام وهو إمام الحنفاء والموحدين من جميع الآلهة التي تعبد من دون الله تعالى ، ثم استثنى إلها واحدا فقط هو الله جل وعلا ، الذي خلقه وأوجده من العدم .
ففي هذه الآية الكريمة تفسير التوحيد : حيث دلت على أن حقيقة التوحيد مركبة من أمرين :
الأول : البرائة من كل الآلهة الباطلة التي يعبدها المشركون من دون الله تعالى .
الثاني : إثبات العبادة لله وحده لا شريك له .
ثانيا: دعاء غير الله تعالى .
دعاء غير الله تعالى والأستغاثة به يناقد التوحيد ، وذلك كل من دعى غير الله تعالى من الأنبياء والصالحين وغيرهم فقد وقع في الشرك ، قال الله تعالي : ( قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا ( 57 ) أُولَٰئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ ۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ) .
ومعنى الآيتين الكريمتين :
1 هؤلاء الذين يدعوهم المشركون من دون الله تعالى لا يملكون كشف الضر عنهم وهو رفعه بالكلية ، كما لا يملكون تحويل هذا الضر عنهم إلى غيرهم ، وهذا دليل على ضعفهم وعجزهم ، وعدم صلاحيتهم للتوجه إليهم بالدعاء من دون الله تعالى .
2 هؤلاء الذين يدعوهم المشركون من دون الله مثل : الملائكة ، أو الأنبياء أو الصالحين أو غيرهم ؛ هم يتقربون إليه سبحانه وتعالى بالأعمال الصالحة ، يرجون بذلك رحمته ، ويخافون عذابه ، فكان الواجب عليكم : أن تفعلو كما فعلو ، فتتقربو إلى الله تعالى وتدعوه وحده لا شريك له .
ثالثاً: طاعة غير الله في تحليل الحرام أو تحريم الحلال .
التشريع حق لله تعالى ، فلا تجوز طاعة أحد في تحليل ما حرم الله ، ولا في تحريم ما أحل الله تعالى ، سواء أكان من العلماء ، أو الحكام ، أو رؤساء القبائل أو غيرهم ؛ لأن ذلك في من اتخاذهم آلهة من دون الله عز وجل، وهذا من الشرك الأكبر ، ويسمى هذا النوع من الشرك : ( شرك الطاعة ) .
عن عدي بن حاتم رضي الله عنه ، قال : أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب . فقال : (( يا عدي اطرح عنك هذا الوثن )) ،وسمعته يقرأ في سورة براءة : (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَٰهًا وَاحِدًا ۖ لَّا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) ، قال : (( أما إنهم لم يكونو يعبدونهم ولكنهم كانو إذا أحلو لهم شيئا استحلوه ، وإذا حرمو عليهم شيئا حرموه ))